كسرت دراسة صدرت مؤخرا عن الجامعة الأميركية في بيروت بعنوان "في وصف الشباب اللبناني: دراسة وطنية ونفسية-اجتماعية" الصورة النمطية التي ترسخت في الأذهان عن الجيل اللبناني الصاعد.
وقد تبيّن من خلال الدراسة التي تناولت قيم الشباب اللبناني وهوياته المتعددة، أن الانتماء السياسي للشباب اللبناني يأتي في المرتبة الحادية عشرة والأخيرة من مكونات الهوية الاجتماعية، فيما تحتل العائلة ولبنان والدين المراتب الثلاث الأولى. ويقول الباحث وأستاذ علم النفس الاجتماعي في الجامعة الأميركية شارل حرب "هناك فارق بين الحراك السياسي الذي يبدو على الساحة اللبنانية والانتماء السياسي كمكون للهوية، مضيفا ان ما يحصل اليوم هو حراك طوائف ومجموعات وليس صراعاً حزبياً يقوم على أفكار وأيديولوجيات لذلك فإن الهوية السياسية هي الأضعف بين الهويات الأخرى".
كذلك بينت الدراسة ان التعاضد الاجتماعي بدا من خلال نتائج الدراسة ضعيفاً، إذ أن واحداً من كل 3 شباب يكره "الآخر" إذا كان لا ينتمي الى طائفته، كما انه يرفض الزواج بشخص من طائفة أخرى، وهو لا يعارض الزواج المختلط طالما أنه لغيره لكنه لا يقبله على نفسه.
ولعل المفارقة في نتائج الدراسة أنها قد توحي بأن منسوب التدين لدى هؤلاء الشباب المتشبثين بطوائفهم مرتفع، لكن الأرقام تشير الى عكس ذلك. ويشرح حرب هذا التفصيل المثير للحيرة بالقول: "التدين يختلف عن الطائفية. فيمكن للمرء أن يكون متديناً وغير طائفي بمعنى أنه يمارس شعائر دينه من دون أن يكن مشاعر سلبية للآخرين, وطائفياً غير متدين أي أنه يكره المختلف عنه من دون خلفيات دينية بالضرورة"، ويفسر حرب هذا الواقعه "يمكن فهم هذا الواقع في بلد مثل لبنان حيث الفرد يحتاج الى الجماعة/ الطائفة من أجل تأمين ضرورات الحياة من طبابة وخدمات وحماية وتوظيف وغيرها ما يجعله بالتالي يقدم ولاءه لها وهذا لاعتبارات لا علاقة لها بالتدين".
وتبـــقى بارقة الأمل الوحيدة في الدراسة ان الشباب اللبناني شــباب متعــلم بدرجة عالية جداً وعلى اختلاف طوائفهم ومناطقهم. فأكثر من 41 % حائز على إجازة جامعية (ليسانس) وهي نسبة مرتفعة كثيراً مقارنة بالدول الأخرى حتى المــتقدمة منها. ففي الولايات المتحدة مثلاً وبحسب دراسة نشرت في 2006 تبلغ نســـبة الحائزين على إجازة جامعية 24 % فقط.(الحياة 6 أيلول2010)