"أوقفوا نزاعاتكم الطائفية في وجه حقوق المواطنة... صوناً للسلم الأهلي"
يطل الثالث عشر من نيسان 2010 من جديد برمزيته، وأوضاع المواطن/ة في لبنان وحقوقه/ها لا يزالان محط إهمال إن لم يكن إنكار الأوساط السياسية بمعظم ألوانها. وفي الوقت الذي يُحيي اللبنانيون هذه الذكرى، يُسدَل الستار على الفصل الأخير من فصول الحكم القضائي الجريء الذي صدر في حزيران/يونيو 2009 والذي أعطيت بموجبه امرأة لبنانية متزوجة بأجنبي الحق بمنح أطفالها القاصرين جنسيتها، حيث تقف سميرة سويدان في مواجهة الدولة اللبنانية خلال جلسة الاستئناف من أجل تكريس حقها بمنح جنسيتها لأولادها.
بموجب حكم القاضي جون قزي، جاءت العدالة عن طريق السلطة القضائية في الوقت الذي فشلت فيه السلطتان التشريعية والتنفيذية في إحداث التغير القانوني الذي يكفل مساواة المرأة اللبنانية بالرجل في الحق بمنح جنسيتها لزوجها وأولادهاً. فبعد الفشل في إدراج هذا المطلب قي البيان الوزاري الأخير اثر مناقشات طويلة داخل الحكومة خلطت بين التهويل بالخطر الديمغرافي وبالتوطين في مواجهة حقوق المواطنة، وتعثر النقاش حول الموضوع داخل اللجنة النيابية المختصة، كاد الموضوع أن يكون عرضة للتغييب لولا مفاعيل الجهد التراكمي الذي بذل خلال السنوات الماضية لإقرار حق المرأة بالجنسية.
منذ أوائل العام الحالي، شهد هذا المطلب بعض التطورات الايجابية التي أخذت حتى الآن شكل تصريحات وعود من عدد من المسؤولين، ولعل أبرز تلك التصريحات ما صدر في 9 آذار المنصرم عن رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري الذي أكد "أهمية طرح الموضوع بهدوء بعيدا عن المزايدات السياسية" مشيرا إلى انه سيعمل على الدفع به تحت سقف حماية الوحدة الوطنية، ودرس إدراجه ضمن سلة، تضمن حق استرداد الجنسية للمغتربين وتحديث قانون الجنسية بشكل عام. وكان سبق ذلك التصريح وعداً منه في 8 شباط 2010 "بعقد اجتماع بعد أسبوعين مع جمعيات ناشطة لوضع مشروع قانون يساهم في إعطاء المرأة اللبنانية الجنسية لأولادها حتى لو كان والدهم أجنبيا."
ومن جملة الإشارات الايجابية الاخرى ما جاء خلال مناقشات لجنة تحديث القوانين على لسان وزير العدل إبراهيم النجار حول موضوع الجنسية الذي أشار إلى أن "المسألة الأساسية المطروحة تتعلق بالحقوق التي يمكن أن تحصل عليها المرأة اللبنانية المتزوجة من أجنبي" وذلك من جملة مهامها التي تتمثل بـ"البحث الأولي فيما يمكن القيام به من أجل تعديل القوانين المتعلقة بالمرأة اللبنانية وحقوقها الشخصية وحقوق عائلتها".
من جهته اقترح وزير الداخلية والبلديات الأستاذ زياد بارود، عدداً من الترتيبات الإدارية تكون بمثابة معالجة مرحلية ومتواضعة لجزء من المشكلات الاجتماعية التي تواجه الأسر المعنية "ريثما يتم تعديل القانون"، منها منح إقامة مجاملة لأزواج وأولاد/بنات الأم اللبنانية .(لكن دون تحديد سقفها الزمني أو رسمها المادي، وبشروط لا تخفف كثيراً من الأعباء المادية ولا تعالج المشاكل الاجتماعية مثل شرط حيازة إجازة العمل، وتأدية الرسوم المتوجبة(.
من الناحية المقابلة جاء اقتراح النائب نعمة الله أبي نصر بشأن البطاقة الخضراء الذي ليس ثمة داع لتكرار ردً حملة "جنسيتي حق لي ولأسرتي" عليه خصوصا أن النائب نفسه قد يكون قد تراجع عن اقتراحه في كما ورد في إحدى المقابلات التلفزيونية الذي شار خلالها إلى أن اقتراحه مجرد خطوة ريثما يتم تعديل القانون؟!!!.
على ضوء كل هذه التطورات، ترى حملة "جنسيتي حق لي ولأسرتي" أنه وبغض النظر عن قرار محكمة الاستئناف الخاص بطعن الدولة اللبنانية الذي قد يصدر في جلسة 13 نيسان 2010 أو بعدها، فان الحل الوحيد لهذه القضية يبقى في تعديل قانون الجنسية التميزي بما يكفل حقوق المواطنة والمساواة للنساء وتحقيق العدالة. وبالتالي تدعو الحملة الرئيس الحريري للوفاء بتعهده حول الموضوع وتوضيح المسار الذي سيسلكه لتحقيق ذلك.
أخيرا وفي الذكرى الخامسة والثلاثين على اندلاع الحرب الأهلية بما حملته من مآسي واصطفاف طائفي حاد سياسي وأهلي، لا نزال نعيش أثارها السلبيةً حتى اليوم، تؤكد "حملة جنسيتي حق لي ولأسرتي" على أن تعزيز السلميين الأهلي والمدني يبدأ بإقرار حق الجنسية للنساء كمدخل لإقرار حقوق المواطنة الأخرى كالحق بالتعليم والصحة والعمل للجميع. وهي بمنسبة جلسة الاستماع للاستئناف تدعو الجميع للتضامن مع سميرة سويدان ولتعزيز التحرك بكافة أشكاله لنصرة حق المرأة في الجنسية وبكامل حقوق المواطنة.
حملة "جنسيتي حق لي ولأسرتي"
بيروت، 8 نيسان/أبريل 2010